الأحزاب السياسية تنطلق عبر قواعد شعبية، وليس من خلال أشخاص أو فئات جمعتهم المصالح الآنية
التركيز يجب أن يوجه نحو تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن
نؤيد تشكيل الأحزاب الوطنية والانضمام إليها، ما دامت تستلهم روح الدستور وتلتزم بالقوانين
ستواصل الحكومة العمل على إزالة كل العوائق أمام تطوير دور الأحزاب
يرتبط نشوء الأحزاب السياسية في الدول بالتنمية والتحديث السياسي، وللأحزاب دور في التنوير والوعي والتنمية السياسية، وتتحقق التنمية السياسية من خلال مشاركة المواطنين كافة في العمل الحزبي، وللأحزاب دورها المهم في العمل العام، ويتجلى ذلك في خوض الانتخابات على المستويات كافة، فتشارك في الانتخابات النيابية والمجالس البلدية وأمانة عمان ومجالس المحافظات والنقابات ومجالس الطلبة والجمعيات وغيرها من الجهات.
لقد مرت الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية بمراحل مختلفة من حيث الدور الذي تمارسه والشروط اللازمة لترخيصها، ومنعها في حقبة زمنية من تاريخ المملكة، وتعاقب التشريعات التي تحكمها وتنظم علمها.
شهدت المملكة منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، تأسيس العديد من الأحزاب وذلك إيمانا من جلالة المغفور له الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين بالديمقراطية والتعددية السياسية، فقد شهدت تأسيس حزب الاستقلال العربي، وكان جل أعضاء الحكومة الأردنية الأولى التي تشكلت في 11 نيسان 1921 ينتمون إليه، وكذلك تأسس حزب العهد العربي سنة 1921، وجمعية الشرق العربي التي تأسست بموجب قانون الجمعيات العثماني، وحزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني تأسس عام 1929، وحزب اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشعب الأردني تأسس عام 1933، والحزب الوطني الأردني تأسس 1936، وحزب الإخاء الأردني تأسس سنة 1937.
كما شهدت المملكة تأسيس العديد من الأحزاب في الخمسينات من القرن الماضي، مثل حركة القوميين العرب «فرع الأردن» حزب البعث العربي الاشتراكي «فرع الأردن»، والحزب العربي الدستوري تأسس سنة 1957.
وقد تأسست كذلك جماعة الإخوان المسلمين سنة 1946، الحزب الشيوعي ظهر على الساحة الأردنية سنة 1951.
بتاريخ 25 نسيان 1957 أُعلنت الأحكام العرفية في البلاد استناداً لنص المادة (125) من الدستور وتم إلغاء الأحزاب السياسية والتنظيمات في جميع أنحاء البلاد وعين سليمان طوقان وزير الدفاع في حكومة إبراهيم هاشم حاكماً عسكرياً عاماً في المملكة.
وسوف أبين تالياً «الرؤية الملكية في الأحزاب السياسية» من بيان رؤية جلالة الملك لشروط تشكيل الأحزاب السياسية وتطويرها وأهمية الأحزاب السياسية ومهامها، وكذلك الدعوة للمشاركة فيها.
شروط تشكيل الأحزاب
لجلالة الملك عبد الله الثاني رؤية في تشكيل الأحزاب تتضمن توافر شروط أساسية على النحو الآتي:
أولاً: أن تكون الأحزاب وطنية
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الأول لدولة علي أبو الراغب بتاريخ 19 حزيران 2000: (إن الديمقراطية لا تكتمل إلا بالتعددية السياسية، وعلى ذلك فإننا نؤيد تشكيل الأحزاب الوطنية والانضمام إليها).
ويضيف جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1 كانون الأول/ ديسمبر/2003: (إن واجب القطاعات الشعبية، ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومنابر الحوار والفكر، أن تستجيب إلى دعوتنا هذه بإخلاص، لتعمل على إحداث تحول إيجابي وجذري، في مسيرتنا الديمقراطية، عبر إطلاق حركة حزبية وطنية حقيقية).
من خلال ما تقدم فإن جلالته يدعو إلى أن تكون الأحزاب وطنية، ويتوجب على القطاعات الشعبية ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومنابر الحوار والفكر العمل على إحداث تحول إيجابي وجذري عبر إطلاق حركة حزبية وطنية حقيقية همها الأردن ومصالح شعبه وهاجسها «الأردن أولاً.
أرى أن تأكيد جلالة الملك بأن تكون الأحزاب في المملكة أحزاباً وطنية له ما يبرره, فقد شهد الأردن منذ نشأة الإمارة قيام العديد من الأحزاب القومية وأحزاب أخرى مرتبطة بأيديولوجيات عالمية، وقد شهدت المملكة في فترة زمنية خلاف مع بعض الأحزاب، وكان بعضها يربط علاقته بالأردن بعلاقة الدولة التي ينتمي إليها الحزب بالمملكة الأردنية الهاشمية، واعتقد بأن هذه الحالة لا تستقيم مع الضرورات الحزبية الوطنية التي تجتهد وتتفق وتختلف لكن كل ذلك في إطار المصلحة الوطنية للمملكة.
وأشير في هذا الصدد إلى أنه عند الحديث عن الأحزاب الوطنية فإن ذلك لا يعني أن تنغلق هذه الأحزاب على ذاتها دون أن تقيم علاقات سياسية مع أحزاب أخرى، فقد أجاز المشرع الأردني ذلك ضمن أحكام القانون، حيث تنص المادة (23/ ز) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (للحزب إقامة علاقات سياسية مع أحزاب أخرى داخلية أو خارجية أو مع اتحادات أحزاب سياسية دولية، على أن لا تشكل تلك العلاقة ارتباطاً تنظيمياً للحزب بتلك الأحزاب أو الاتحادات وشريطة الالتزام بأحكام الدستور والقانون).
وبالإضافة إلى ما تقدم فقد شاب العلاقات البينية لهذه الأحزاب خلافات على الساحة الأردنية رغم أنها أحزاب غير وطنية، حيث تتأثر العلاقة بينها في العلاقة بين الدول التي تنتمي إليها هذه الأحزاب، وقد حدثني أحد الأصدقاء من الأغوار الشمالية أن نزاعاً قد نشب بين أخوين من أقاربه بسبب انتمائهم الحزبي، حيث قام أحدهم برفع صورة لزعيم الحزب الذي ينتمي إليه، فقام الآخر بإزالة هذه الصورة، ورفع صورة زعيم الحزب الذي ينتمي إليه هو، مما نتج عن ذلك خلاف بينهما تطور إلى الضرب بالأيدي، وأدى ذلك إلى حدوث انقسام في العائلة، وقد دار نقاش بيني وبين هذا الصديق حول هذا الأمر وتداعياته، وما هو موقف هذين الحزبين من المملكة، وبالتالي موقف دولهم، وهذا يقود إلى تساؤل آخر، ما جدوى عمل الأحزاب غير الوطنية على الساحة الأردنية، وكيف يمكن لهذه الأحزاب أن تهتم بالشأن الوطني الأردني طالما هي تعمل وفق عقيدتها الحزبية وانتمائها لتلك الدول، التي تختلف أولوياتها و أدبياتها، وحتى لا يقول البعض إنني ضد تلك الأحزاب ومحاولة التقليل من شأنها، أقول إنني أعرض حالة، تقتضي الضرورة بيانها.
مما تقدم أقول بأن توجيه جلالة الملك بأن تكون الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية أحزاب وطنية بما فيها أحزاب المعارضة الوطنية وتهتم بالشأن الوطني الأردني قول يتفق مع المنطق السياسي والضرورات العملية حتى تحقق هذه الأحزاب رسالتها وأهدافها.
ثانياً: أن تكون الأحزاب السياسية شريكة في صنع القرار الوطني
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2003: (إن وجود الأحزاب السياسية، ومن ضمنها أحزاب المعارضة الوطنية، أمر حيوي وضروري للدولة العصرية، ونحن نتطلع إلى اليوم الذي تكون فيه أحزاب المعارضة الوطنية المنتمية، شريكة في صنع قرارنا الوطني).
يؤكد جلالته أن وجود الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب المعارضة الوطنية المنتمية أمر حيوي وضروري للدولة الأردنية وبنائها، وأن تساهم هذه الأحزاب كشريك في صنع القرار الوطني، وبالتأكيد فإن ذلك يكون عبر الوسائل القانونية، وفق أحكام الدستور والتشريعات ذات العلاقة.
وتكون الأحزاب السياسية شريكة في صنع القرار الوطني من خلال وصولها في الانتخاب إلى المجالس المختلفة.
ثالثا: أن يكون للأحزاب السياسية برامج وطنية:
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1/12/2003: (أن يكون لهذه الأحزاب، برامج وطنية متكاملة وشاملة).
ويقول جلالته في الورقة النقاشية الثانية بعنوان «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2013: (من متطلبات التحول الديمقراطي الناجح حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق).
ويضيف جلالته في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/مارس 2013: (تبني الأحزاب لبرامج وطنية واضحة ونظم عمل مهنية، إن النظام السياسي القائم على أحزاب ضعيفة غير قادر على كسب ثقة المواطنين وحفزهم على الانخراط في الحياة العامة، ولتجاوز حالة التشكيك والتردد القائمة، تحتاج الأحزاب السياسية إلى تطوير برامج قوية).
ويقول جلالته في الرسالة الملكية الموجهة لدولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 10 حزيران 2021 والتي بموجبها تم تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وعهد إلى دولته برئاسة اللجنة:(والأمل معقود عليكم للخروج بإطار تشريعي يؤسس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها، للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية).
في هذا يؤكد جلالة الملك أنه يتوجب أن يكون للأحزاب السياسية برامج، بحيث تتميز هذه البرامج بما يلي:
1- أن تكون هذه البرامج وطنية، بحيث تكون معنية بالدولة الأردنية في مستقبلها وتطورها وبنائها وازدهارها، والتعامل مع كافة قضاياها ومشاكلها، وكذلك الاهتمام بالمواطن الأردني وتحقيق كل ما يحقق له الحياة الكريمة، والتعامل مع قضاياه ومشاكله وإيجاد الحلول المناسبة واللازمة لذلك.
2- أن تكون هذه البرامج متكاملة وشاملة وهذا يعني أن تكون البرامج في كافة المجالات التنموية والصحية والتعليمية والخدماتية والمالية العامة وإدارة المرافق العامة والبيئة والإعلام وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين ومعالجة الفقر والبطالة.
إن تأكيد جلالة الملك أن تكون هذه البرامج الوطنية التي تطرحها الأحزاب السياسية متكاملة وشاملة أن تغطي كافة المجالات دون أن يقتصر ذلك على بعض المجالات وإهمال المجالات الأخرى وهذا يقتضي بالضرورة تحقيق التوازن والتكامل والشمول في ضوء الإمكانيات والإيرادات العامة، وهذه مسألة على درجة عالية من الأهمية، بحيث يتوجب أن تكون برامج الأحزاب مدروسة ودقيقة لتكون متكاملة وشاملة، وأن لا يقتصر البرنامج على الجانب الشعوبي بغض النظر عن الشمول والتكامل الذي يراعي الإمكانيات والتحديات والمقدرات.
رابعاً: أن تنشأ الأحزاب السياسية من خلال قواعد شعبية وليس من خلال أشخاص تجمعهم مصالح آنية.
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1/12/2003: (أن تنشأ الأحزاب السياسية وتنطلق عبر قواعد شعبية، وليس من خلال أشخاص أو فئات جمعتهم المصالح الآنية، لتكتسب أحزابنا، المصداقية، والقدرة على إحداث التغيير المنشود).
ويضيف جلالته في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2/3/2013: (إنني أشجع جميع أبناء وبنات الوطن على المشاركة في بناء نمط جديد من الأحزاب البرامجية الممثلة والقائمة على قواعد شعبية واسعة).
ويقول جلالته في ذات الورقة: (إن التركيز يجب أن يوجه في المرحلة القادمة نحو تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن، بحيث يتوجه الناخبون للتصويت على أسس حزبية وبرامجية وهذا الأمر يفرض على الأحزاب الأردنية تحديات ومسؤوليات جوهرية).
مما تقدم فإن جلالة الملك يؤكد ضرورة أن تنطلق الأحزاب عبر قواعد شعبية أردنية غير محددة بفئة معينة أو من خلال أشخاص تربطهم مصلحة آنية خاصة بهم، فإذا كان الأمر كذلك أي وجود مصلحة آنية تجمع هذه الفئة أو الأشخاص فإن الحزب يفقد مصداقيته وقدرته على إحداث التغيير المنشود.
خامساً: أن تلتزم الأحزاب بالعمل الجماعي
يقول جلالته في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2/3/2013: (على الأحزاب الالتزام بالعمل الجماعي والتقيد بالمبادئ, المشتركة).
سادساً: أن تستلهم الأحزاب السياسية روح الدستور وتلتزم بالقوانين النافذة.
يقول جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد علي أبو الراغب بتاريخ 19حزيران/2000: (وعلى ذلك فإننا نؤيد تشكيل الأحزاب الوطنية والانضمام إليها، ما دامت هذه الأحزاب تستلهم روح الدستور وتلتزم بالقوانين المنبثقة عنه).
سابعاً: أن تلتزم الأحزاب السياسية بالتنافس العادل والشريف
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الأولى «مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة» بتاريخ 29/12/2012: (إنني أؤمن بأن رؤية المواطنين للعملية السياسية، سواء أكانوا يمثلون حزباً سياسياً أو فئة اجتماعية محددة، تقوم على اعتبارها فرصة للتنافس العادل والشريف من أجل الوصول إلى أفضل الأفكار والحلول. فلا يمكن لفئة بمفردها تحقيق جميع الأهداف التي تسعى إليها، بل يجب التوصل إلى تفاهمات تتبنى حلولاً وسطا وتحقق مصالح الأردنيين جميعاً، فالامتحان الحقيقي والحاسم لمساعينا الديمقراطية يكمن في قدرتنا على النجاح كأسرة واحدة في مواجهة التحديات).
ثامناً: تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية
يقول جلالته في مقابلة صحفية مع صحيفة الرأي العدد «18819» تاريخ 24 تموز 2022: (الجاهزية الحزبية عملية تراكمية شاقة تتطلب تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية والبرامج الواقعية على الطموحات الشخصية).
تطوير الأحزاب السياسية
لجلالة الملك رؤية في تطوير الأحزاب السياسية في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث يرى جلالته أن هناك مجموعة من العوامل تساهم في تطوير الأحزاب السياسية وتقدمها لتحقيق الأهداف والمهام والغايات التي يتوجب على الأحزاب السياسية القيام بها وتالياً أهم هذه العوامل:
1- التزام الحكومة بتشجيع العمل الحزبي
يقول جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السادس عشر بتاريخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر/2010: (وستواصل الحكومة العمل من أجل تشجيع العمل الحزبي الوطني الملتزم بالقوانين والدستور وإزالة كل العوائق أمام تطوير دور الأحزاب).
2- تحتاج الأحزاب السياسية إلى وقت حتى تنضج وتنافس على مستوى الوطن
3- تطوير عدد منطقي من الأحزاب السياسية الرئيسية ذات القواعد الممتدة على مستوى المملكة
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/مارس 2013: (وقد بينت في السنوات الأخيرة رؤيتي الواضحة لنظامنا السياسي، والقائم على تطوير عدد منطقي من الأحزاب السياسية الرئيسية ذات القواعد الممتدة على مستوى الوطن، لتعكس مختلف توجهات الأطياف السياسية، وهذا النوع من الأنظمة هو الوحيد القادر على إتاحة الفرصة للتنافس البناء بين الأفكار والطروحات التي يحتاجها الأردن، وعلى بناء التوافق النيابي حول القرارات الواجب اتخاذها).
يؤكد جلالة الملك على ضرورة تطوير عدد منطقي من الأحزاب السياسية الرئيسية ذات القواعد الممتدة على مستوى المملكة، بحيث تكون هذه الأحزاب تمثل الأطياف السياسية كافة وهذا أمر مهم في خفض عدد الأحزاب الموجودة على الساحة الأردنية لنكون أمام أحزاب سياسية ذات عدد محدود إلا أنها أحزاب قوية وفاعلة، أما بقاء الأحزاب بعددها المرتفع فإنه لن يحقق الغاية والمهام التي يتوجب على الأحزاب تحقيقها.
4- تطوير الجهاز الحكومي لدعم الأحزاب
يقول جلالته في مقال له بعنوان «التعددية والوحدة الوطنية: العمود الفقري لأمن الأردن» المنشور في مجلة وولد بوليسي جورنال بتاريخ 21 أيلول/سبتمبر 2013: (بات من الضروري لثقافة الأحزاب السياسية أن تستمر بالتقدم وأن يتم تطوير الجهاز الحكومي من أجل دعم الانتقال التدريجي نحو نظام حكومي برلماني مكتمل العناصر).
ويضيف جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية » تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2013: (سيكون على الجهاز الحكومي تطوير عمله على أسس من المهنية والحياد، بعيداً عن تسيب العمل، لمساندة وإرشاد وزراء الحكومات البرلمانية، خاصة وأن هذا النموذج يعني بمفهومه الأشمل أن الوزراء الذين يكلفون لتولي حقائب معينة قد لا يتمتعون بخبرة عملية سابقة في مجال عمل الوزارات التي سيتولونها (مفهوم الوزير السياسي مقارنة بالوزير التكنوقراطي) ولذا فمن الضروري أن يصبح الجهاز الحكومي مرجعاً موثقاً للمعرفة والمساندة الفنية والمهنية، ومن المهم أيضاً أن يعتمد الوزراء على خبرات هذا الجهاز في صنع القرار).
مما تقدم يتبين لنا بأن جلالة الملك يؤكد على ضرورة تطوير الجهاز الحكومي وعلى أسس من المهنية والحياد، وعليها دعم الأحزاب السياسية، بعيداً عن تسيب العمل،
لا سيما وأن الحكومات المستقبلية قد تكون حكومات حزبية وقد يكون الوزراء الذين يكلفون لتولي حقائب معينة لا يتمتعون بخبرة عملية سابقة في مجال عملهم.
5- تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/مارس 2013: (إن التركيز يجب أن يوجه في المرحلة القادمة، نحو تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن بحيث يتوجه الناخبون للتصويت على أسس حزبية وبرامجية، وهذا الأمر يفرض على الأحزاب الأردنية تحديات ومسؤوليات جوهرية).
ويقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر بتاريخ 15 تشرين أول 2021 ما يلي: (أن عملية التحديث هذه، لا تقتصر على حزمة من القوانين والتشريعات وحسب، بل هي عملية تطور اجتماعي وثقافي في الأساس وحتى نضمن التقدم نحو البرلمانات الحزبية، فأمامنا عمل كثير لتطوير أحزاب تستند إلى برامج قابلة للتطبيق والتقييم، وتخدم مصالح المواطنين، وتحقق مشاركة فاعلة ومنتجة على جميع المستويات الوطنية والمحلية).
يؤكد جلالة الملك على ضرورة تطوير وتحفيز الأحزاب السياسية ذات البرامج بحيث تكون هذه البرامج واضحة وشاملة ومقنعة والتي على أساسها يمكن للأحزاب كسب ثقة المواطنين
6- تشكل الانتخابات النيابية خطوة رئيسية في تطوير الأحزاب السياسية
يقول جلالة الملك في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2009: (وإذ تشكل الانتخابات القادمة، والتي يجب أن لا يتأخر إجراؤها عن الربع الأخير من العام المقبل خطوة رئيسية في تطوير أدائنا الديمقراطي وتعزيز المشاركة في عملية التنمية السياسية، فإننا نريدها جزءً من برنامج تنمية سياسية شامل يعالج كل المعيقات أمام تحقيق هذه التنمية، ويسهم في تطوير العمل السياسي الحزبي البرامجي ويفتح المجال أمام تحقيق هذه التنمية، ويسهم في تطور العمل السياسي الحزبي البرامجي، ويفتح المجال أمام جميع أبناء الوطن للمشاركة في مسيرة البناء).
7- التشريعات تساهم في تطوير الأحزاب السياسية
يقول جلالة الملك في كتاب التكليف السامي الثاني لدولة الدكتور معروف البخيت بتاريخ 1شباط 2011: (وفي ضوء ذلك، فإننا ننتظر منك أن ترفع إلينا في أسرع وقت ممكن توصيتك حول آلية حوار وطني شامل، تتمثل فيه جميع مكونات مجتمعنا وأطيافه، للتوافق على قانون انتخاب جديد يعزز الهوية الوطنية الجامعة، ويسهم في تطوير العمل الحزبي الجماعي، بحيث يكون التنافس على خدمة الوطن والمواطن على أساس الأفكار والبرامج وللاتفاق أيضاً على كل الخطوات اللازمة لتسريع وتيرة مسيرتنا الديمقراطية، وبما يضمن أعلى درجات المشاركة الشعبية في صناعة القرار).
وبتاريخ 12/3/2011 صدر قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة الحوار الوطني برئاسة دولة السيد طاهر المصري/ رئيس مجلس الأعيان، ويقول جلالة الملك في الرسالة الملكية الموجهة لدولة السيد طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان/ رئيس لجنة الحوار الوطني بتاريخ 14 آذار 2011: (كما نأمل أن ينال قانون الأحزاب عميق اجتهادكم للوصول إلى تشريع يثري التعددية السياسية والحزبية القائمة، ويكرسها نهجاً راسخاً يمكن القوى السياسية الفاعلة كافة من المشاركة في العملية الديمقراطية وصناعة القرار عبر أحزاب ذات برامج تعبر عن طموحات المواطنين وتستجيب لمتطلباتهم، خاصة فئة الشباب منهم).
ويضيف جلالته في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 15 تشرين الثاني/2015: (كما أن قانون الأحزاب سيسهم في توفير البيئة المناسبة والمحفزة للحياة الحزبية وتشجيع المشاركة فيها بناء على برامج وطنية هادفة).
ويقول جلالة الملك في الرسالة الملكية الموجهة لدولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 10 حزيران 2021، والتي عهد إليه فيها برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية:(اليوم ونحن على أبواب مرحلة جديدة من مراحل البناء والتحديث، فإنني أعهد إليك برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة).
ويضيف جلالته في ذات الرسالة: (إننا عازمون على إحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية والبرلمانية، على نحو يضمن الأهداف والطموحات المرجوة في المستقبل، والأمل معقود عليكم للخروج بإطار تشريعي يؤسس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها).
ويؤكد جلالة الملك في ذات الرسالة الموجهة لدولة السيد سمير الرفاعي: (وإنني أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فوراً ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير).
وقد التزمت الحكومة بضمانة جلالة الملك حيث قامت بإرسال مشروع التعديلات الدستورية، ومشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب إلى مجلس الأمة كما وردت من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
من خلال نصوص قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022، فإن القانون يساهم في تطوير الأحزاب ويحقق العديد من الأهداف وذلك على النحو الآتي:
أولاً: تمكين الأحزاب السياسية من المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سليمة ديمقراطية
تؤكد المادة (3) من قانون الأحزاب السياسية: على أن تكون المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سلمية ديمقراطية.
وتنص المادة (15/ح) من ذات القانون على التزام الحزب بعدم اللجوء للعنف أو التحريض عليه بجميع أشكاله والامتناع عن إقامة أي تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية.
ثانياً: قيام أحزاب سياسية ذات تمثيل واسع للمجتمع الأردني ويمكن بيان ذلك من خلال:
أ. زيادة عدد المواطنين والمواطنات المشاركين في هذه الأحزاب.
حيث تشترط المادة (11/أ/1) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 أن لا يقل عدد المؤسسين عند انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب عن ألف شخص، وهذه خطوة متقدمة في الوصول إلى أحزاب ذات تمثيل واسع على مستوى المملكة، وهذا العدد هو الأكبر في القوانين السابقة للأحزاب السياسية كلها، ففي قانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 تشترط المادة السادسة من القانون أن لا يقل عدد المؤسسين عن (150) شخص، وفي قانون الأحزاب السياسية رقم (16) لسنة 2012 تشترط المادة (6/أ) أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين عن خمسمائة شخص، وفي قانون الأحزاب السياسية رقم (19) لسنة 2007 تشترط المادة الخامسة أن لا يقل عدد المؤسسين عن (500) شخص، وفي قانون الأحزاب السياسية رقم (32) لسنة 1992 تشترط المادة الخامسة أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين لأي حزب عن خمسين شخص، وفي قانون الأحزاب رقم (15) لسنة 1955 تشترط المادة السابعة أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين عن عشرة أشخاص، وفي قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم (3) لسنة 1954 تشترط المادة السادسة أن لا يقل عدد الأعضاء المؤسسين عن عشر أشخاص.
ب. تحفيز المشاركة الفاعلة للشباب والمرأة في الحياة الحزبية والبرلمانية.
يقول جلالة الملك في الرسالة الملكية الموجهة إلى دولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 10/6/2021، والتي عهد إليه فيها برئاسة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية: (وما يهمنا في هذا الصدد إيلاء لجنتكم الكريمة الاهتمام بدور الشباب والبحث في السبل الكفيلة لتحفيز مشاركتهم في الحياة الحزبية والبرلمانية، وتمكين المرأة الأردنية من المشاركة الفاعلة).
لقد أخذت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية توجيه جلالة الملك بكل اهتمام سواء في قانون الأحزاب أو في قانون الانتخاب لمجلس النواب، وأوضح ذلك على النحو التالي:
1. مشاركة الشباب في الأحزاب والانتخاب:
تم تعديل المادة (70) من الدستور وذلك بخفض سن عضو مجلس النواب من ثلاثين سنة شمسية إلى خمساً وعشرين سنة شمسية وهذا التعديل يعزز مشاركة الشباب في الحياة السياسية ويزيد فرص وصولهم إلى مجلس النواب.
تنص المادة (11/أ/1) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (أن لا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين (18) و (35) سنة عن (20%) من عدد المؤسسين)
ويعتبر هذا النص خطوة متقدمة في زيادة عدد انتساب وتمثيل الشباب في الأحزاب السياسية بحيث لا تقل نسبتهم عن (20 %) من عدد المؤسسين، وهي المرة الأولى في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية التي يشترط فيها أن لا تقل نسبة الشباب في الهيئة التأسيسية للحزب عن (20%) من عدد المؤسسين في الأحزاب السياسية.
وتنص المادة (8/ج/2) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 على ما يلي: (ج- يخصَّص للدائرة الانتخابية العامة وفقًا لنظام القائمة النسبية المغلقة (41) مقعدًا من المقاعد المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة تشكَّل بقوائم حزبية وفقًا لما يلي:
2- وجود شاب أو شابة يقل عمره عن (35) سنة ضمن أول خمسة مترشحين.)
يشكل هذا النص فرصة كبيرة لوصول عدد من الشباب اللذين لا تزيد أعمارهم عن (35) سنة لمجلس النواب، وذلك من خلال اشتراط وجود شاب أو شابة ضمن أول خمسة مترشحين، حيث تكون الفرصة في الفوز في القوائم النسبية المغلقة هي للأسماء المتقدمة في القائمة.
2. مشاركة المرأة في الأحزاب والانتخاب.
اشترط قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 أن لا تقل نسبة المرأة عن (20%) حيث تنص المادة (11/أ/4) من قانون الأحزاب السياسية على ما يلي: (أن لا تقل نسبة المرأة عن (20%) من عدد المؤسسين)، وقد كانت نسبة المرأة في قانون الأحزاب السياسية رقم (16) لسنة 2012 لا تقل عن (10%)، لكن قانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 لم يبق على هذه النسبة، ثم جاء قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 ليرفع النسبة إلى (20%) من عدد المؤسسين.
ويعتبر هذا النص أيضا ًخطوة متقدمة يؤدي إلى زيادة تمثيل المرأة في الأحزاب السياسية.
وتنص المادة (8/ب) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 على تخصيص مقعد للمرأة في كل دائرة انتخابية محلية إي بما مجموعه (18) مقعد.
وتنص المادة (8/ج/1) من قانون الانتخاب لمجلس النواب على ما يلي: (ج- يخصَّص للدائرة الانتخابية العامة وفقًا لنظام القائمة النسبية المغلقة (41) مقعدًا من المقاعد المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة تشكَّل بقوائم حزبية وفقًا لما يلي:
1- وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل، وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين.)
تشكل هذه النصوص فرصة كبيرة لنجاح المرأة في الانتخابات النيابية حيث تم زيادة مقاعد المرأة على الكوتا من (15) مقعد وفق قانون الانتخاب لمجلس النواب السابق رقم (6) لسنة 2016 إلى (18) مقعد وفق القانون الحالي، وتم أيضا اشتراط وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التاليين في القوائم النسبية المغلقة،
وبالتالي فإن فرص المرأة في الفوز في الانتخابات النيابية في هذه القوائم كبيرة.
ج. تمثيل ذوي الإعاقة، حيث تنص المادة (11/أ/5) من قانون الأحزاب السياسية على ما يلي: (أن يكون من بين المؤسسين واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة).
يؤكد هذا النص على ضرورة إشراك ذوي الإعاقة في الأحزاب السياسية ويعظم ويعزز دورهم ومكانتهم في المجتمع وبالضرورة حضورهم في العمل السياسي كجزء مهم في المملكة.
د ـ أن يكون المؤسسون من مناطق جغرافية واسعة في المملكة بحيث لا يقل تمثيل المؤسسين عن نصف محافظات المملكة، حيث تنص المادة (11/أ/2) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (أن يكون المؤسسون من سكان (6) محافظات على الأقل بحيث لا يقل عددهم عن (30) شخصاً من كل محافظة).
ه. ضمان حصول الأحزاب السياسية والقوائم المحلية على نسبة معينة من عدد أصوات المقترعين لتحقيق النجاح في الانتخابات النيابية، حيث اشترط قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 أن تتجاوز القائمة المحلية الفائزة نسبة الحسم (العتبة) البالغة (7%) من مجموع عدد المقترعين في الدائرة، وأن تتجاوز القائمة الحزبية نسبة الحسم (العتبة) البالغة (2.5%) من مجموع عدد المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة.
يتبين مما تقدم بأن المشرع يدفع باتجاه وصول الأحزاب أو القوائم المحلية التي حصلت على عدد أكبر من الأصوات للفوز بالمقاعد النيابية وبالتالي الوصول إلى أحزاب ذات تمثيل أكبر في مجلس النواب وقادرة على تنفيذ برامجها الانتخابية للوصول إلى مجلس نيابي حزبي برامجي.
ثالثاً: استقلال الأحزاب السياسية وترسيخ مبدأ سيادة القانون
يمكن القول بأن التعديلات الدستورية، وقانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022، قد عززت استقلال الأحزاب، وعززت الحياد الحزبي ورسخت مبدأ سيادة القانون، وللتدليل على ذلك استند إلى ما يلي:
1- تعديل المادة (67) من الدستور، حيث ينقل الاختصاص بموجب هذا التعديل في النظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها من لجنة شؤون الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب.
لقد مرت تبعية الأحزاب بمراحل مختلفة حيث كانت تتبع إلى وزارة الداخلية ثم انتقلت إلى لجنة الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية ثم انتقلت بعد ذلك إلى الهيئة المستقلة للانتخاب.
إن نقل الاختصاص من لجنة شؤون الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب جاء لغاية منح الأحزاب السياسية مزيداً من الاستقلال.
2–تضمن قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 مجموعة من النصوص التي ترسخ مبدأ سيادة القانون وتحقيق الحماية والاستقلال للأحزاب السياسية وذلك على النحو التالي:
أ – تختص المحكمة الإدارية بالنظر في الطعون المتعلقة بتأسيس الأحزاب والقرارات النهائية للحزب للفصل في المخالفات والنزاعات بين أعضائه وقيادته التنفيذية سنداً لنص المادة (22) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022
ب- لا يجوز تفتيش أي حزب إلا بقرار من المدعي العام، سنداً لنص المادة (23/ ب) من قانون الأحزاب السياسية.
ج – عدم مداهمة مقار الحزب إلا بقرار قضائي سنداً لنص المادة (23/ أ) من قانون الأحزاب السياسية.
د – لا يجوز حل الحزب إلا وفقاً لأحكام نظامه الأساسي أو بقرار قضائي قطعي سنداً لنص المادة (35) من قانون الأحزاب السياسية.
يحظر قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 مجموعة من الفئات المشاركة في تأسيس الأحزاب حيث تنص المادة (6/ب/6) من القانون على ما يلي: (أن لا يكون العضو المؤسس للحزب من الفئات التالية:
أ- رئيس وموظفو الديوان الملكي الهاشمي.
ب- القضاة.
ج- مفتي عام المملكة والمفتون.
د- رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية.
هـ- رئيس وأعضاء مجلس مفوّضي الهيئة المستقلّة للانتخاب.
و- محافظ البنك المركزي.
ز- رئيس وأعضاء مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
ح- رئيس ديوان الخدمة المدنية.
ط- رئيس ديوان التشريع والرأي.
ي- رئيس ديوان المحاسبة.
ك- الحكام الإداريون.
ل- أعضاء السلك الدبلوماسي.
م- منتسبو القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية.
ن- أمين السجلّ.)
إن حظر هذه الفئات من المشاركة في الأحزاب السياسية يوفر مزيداً من الحياد للأحزاب السياسية بحيث لا تستغل هذه الفئات موقعها لخدمة الحزب وبالتالي حرمان أحزاب أخرى من هذه الميزة، بالإضافة إلى طبيعة عمل بعض الفئات مثل منتسبي القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية لا تستقيم مع العمل الحزبي، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه تم إضافة رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الأنسان بموجب تعديل على قانون المركز الوطني لحقوق الأنسان يحظر عليه أن يكون عضو مؤسس أو عضو منتسب للحزب.
3- استحداث نص في قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 يقضي بمنع المؤسسات الرسمية أو العامة أو الشركات التي تملك الحكومة أكثر من نصفها بتمويل أو منح الهبات أو التبرعات للأحزاب سنداً لنص المادة (24/ج/3) من القانون.
أرى بأن هذا النص يؤكد على حيادية الأحزاب وعدم التأثير عليها من خلال تمويل أو منح الهبات أو التبرعات النقدية أو العينية من المؤسسات الرسمية أو العامة أو الشركات التي تملك الحكومة أكثر من نصف أسهمها، وكذلك تحقيق المساواة بين الأحزاب ويتمثل ذلك بعدم تلقي الدعم المادي لأي حزب من الجهات المبينة في متن النص، ويقتصر الدعم الحكومي للأحزاب على ما ورد في المادة (27) من قانون الأحزاب رقم (7) لسنة 2022 والتي تنص على ما يلي: (أ- يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال الخزينة، وتحدَّد شروط تقديم الدعم ومقداره وأوجُه وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.
رابعاً: تمكين الأحزاب السياسية من المشاركة في الانتخابات بأنواعها وتخصيص نسبة من مقاعد مجلس النواب للأحزاب
تنص المادة (8/أ) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 على ما يلي: (أ- تُقسَم المملكة إلى ثماني عشرة دائرة انتخابية محلية ودائرة انتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة، ويخصَّص لها جميعا (138) مقعدًا)
تنص المادة (8/ج) من ذات القانون على ما يلي: (ج- يخصَّص للدائرة الانتخابية العامة وفقًا لنظام القائمة النسبية المغلقة (41) مقعدًا من المقاعد المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة تشكَّل بقوائم حزبية وفقًا لما يلي:
1. وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل، وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين.
2. وجود شاب أو شابة يقل عمره عن (35) سنة ضمن أول خمسة مترشحين.
3. أن تشتمل القائمة على عدد من المترشحين موزَّعين على ما لا يقلّ عن نصف الدوائر الانتخابية المحلية حدا أدنى.
4. أن تتضمن عددًا من طالبي الترشح لا يزيد على عدد المقاعد المخصَّص لها على مستوى الدائرة الانتخابية العامة.)
وتنص المادة (8/ د) من ذات القانون على ما يلي: (د- يخصَّص ضمن الدائرة الانتخابية العامة مقعدان للمسيحيين حدا أدنى، ومقعد واحد للشركس والشيشان حدا أدنى.)
وتنص المادة (71) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 على ما يلي: (أ- يراعى عند انتخاب المجلس النيابي الحادي والعشرين أن تكون نسبة المقاعد المخصَّصة للأحزاب والتحالفات الحزبية ما نسبته (50%) حدًّا أدنى من عدد المقاعد المشار إليه في الفقرة (أ) من المادة (٨) من هذا القانون، وتُقسم بموجب نظام يصدر لهذه الغاية يراعي الربط بين القائمة المحلية والقائمة العامة.
ب- تتم معالجة المقاعد المخصَّصة للمرأة والمسيحيين والشركس والشيشان على مستوى الدوائر المحلية وفقًا للنظام المشار إليه في الفقرة (أ) من هذه المادة.
ج- يُراعى عند انتخاب المجلس النيابي الثاني والعشرين زيادة المقاعد المخصَّصة للأحزاب والتحالفات الحزبية لتصل إلى ما نسبته (65%) حدًّا أدنى من عدد المقاعد المشار إليه في الفقرة (أ) من المادة (8) من هذا القانون، وتُقسم بموجب النظام الصادر لهذه الغاية على أن يراعي هذا النظام الربط بين القائمة المحلية والقائمة العامة.)
يتبين من خلال هذه النصوص بأنه قد خصصت نسبة من المقاعد للأحزاب السياسية، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي يتم فيها تخصيص هذا العدد من المقاعد بالإضافة إلى ما قد تحصل عليه الأحزاب من الدوائر المحلية. وهذا سيساهم في تعزيز الهوية الوطنية والحد من تنامي الهويات الفرعية، ويشكل فرصة كبيرة للأحزاب السياسية على التطور على أساس برامجي والانتقال بالحياة السياسية إلى مرحلة جديدة ويزيد من مستويات الثقة بها والانتقال نحو سلوك انتخابي قائم على اختيار البرامج لا الأفراد.
إن ما تقدم يقود للوصول إلى مجلس نواب حزبي برامجي يعزز العمل البرلماني ونكون أمام مجلس نواب في معظمه نواب حزبيين خاضوا الانتخابات على أساس برنامج الحزب وهم بالتالي يسعون لتحقيق برنامجهم الذي على أساسه وصلوا لمجلس النواب، وبخلاف ذلك لا يمكن الحديث عن برنامج انتخابي من المؤمل تحقيقه.
خامساً: ضمان حماية المنتسبين للأحزاب وعدم التعرض لأي أردني بسبب انتمائه الحزبي
تنص المادة (4) من قانون الاحزاب السياسية رقم 7 لسنة 2022 على ما يلي:
(أ- للأردنيين الحق في تأسيس الأحزاب والانتساب إليها وفقًا لأحكام الدستور وهذا القانون.
ب- يُمنَع التعرض لأي أردني بما في ذلك المساس بحقوقه الدستورية، أو القانونية، أو مساءلته أو محاسبته، من أي جهة رسمية أو غير رسمية، بسبب انتمائه أو انتماء أي من
أقاربه الحزبي.
ج- يُمنَع التعرّض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي والسياسي.
د- يحق لمن وقع عليه تعرّض خلافًا لأحكام هذه المادة أن يلجأ إلى المحاكم المختصة لرفع التعرّض والمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي.).
وتنص المادة (20/أ) من ذات القانون على ما يلي: (يحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي والاعضاء في الحزب ممارسة الانشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون اي تضييق أو مساس بحقوقهم، على ان يصدر نظام خاص ينظم هذه الأنشطة).
وقد دعا جلالة الملك عبد الله الثاني خلال لقائه رؤساء الجامعات الرسمية في قصر الحسينية يوم الثلاثاء الموافق 26 تموز 2022 الشباب الجامعي الى ان يكونوا جزءاً اساسياً في عملية التحديث السياسي، والانخراط في العمل الحزبي البرامجي وأشار جلالته في اللقاء الذي حضرة سمو الامير الحسين بن عبد الله الثاني ولي العهد إلى ضرورة إنجاز نظام تنظيم الأنشطة الحزبية بالجامعات، والعمل بشكل مؤسسي لمنع وضع أية حواجز أمام الشباب في المشاركة بالحياة السياسية.
سادساً:- ضمان تداول القيادات الحزبية
باستقراء نصوص قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 يتبين ان القانون يقضي بضرورة تداول السلطة وتكافؤ الفرص بين المواطنين في تولى المسؤولية أو المشاركة فيها وضمان فرص المشاركة لمنتسبيه، ويمكن بيان ذلك من النصوص التالية:
أ- تنص المادة (14/ب) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022على ما يلي:
(لا يجوز للأمين العام اشغال هذا الموقع لأكثر من دورتين متتاليتين، على أن يحدد الحزب مدة الدورة في نظامه الأساسي وبما لا يزيد عن (4) سنوات للدورة الواحدة).
ب- وتنص الفقرات (د، ط، ي) من المادة (15) من قانون الاحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (يلتزم الحزب في ممارسة أنشطته بالمبادئ والقواعد التالية: د- تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين عند تولي المسؤولية أو المشاركة فيها.
ط- ضمان فرص المشاركة الفعلية لمنتسبيه في إدارة قيادته التنفيذية، ومراعاة مبادئ الحاكمية الرشيدة، والشفافة، والمساءلة، والمحاسبة.
ي- ضمان حق منتسبيه من فئتي المرأة والشباب في تولي المواقع القيادية فيه).
سابعاً: تعزيز العلاقات بين الأحزاب من خلال الائتلاف والتحالف والاندماج.
ثامناً: تحول الأحزاب إلى أحزاب برامجية فاعلة تؤسس على أساس المواطنة والمساواة.
يشترط تعريف الحزب في المادة (3) من قانون الأحزاب السياسية أن يكون للحزب برنامج وأفكار مشتركة ويهدف للمشاركة في الحياة السياسية بطرق سلمية، وتشترط المادة (5) من القانون بأن يؤسس الحزب على أساس المواطنة والمساواة، بين الأردنيين، ولا يجوز تأسيس الحزب على أسس دينية أو طائفية أو عرقية أو فئوية، ولا على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الاصل.
وقد ألزم المشرع في المادة (18) من قانون الأحزاب رقم (7) لسنة 2022 الحزب أن ينشر على موقعه الإلكتروني برنامجه الذي يحدد فيه رؤيته وأهدافه وخططه وحلوله إزاء القضايا الأساسية في المجالات المختلفة.
أهمية الأحزاب السياسية ومهامها
أولاً: وجود الأحزاب السياسية أمر حيوي وضروري للدولة العصرية
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1 كانون الأول/ ديسمبر 2003: (فنحن نؤمن أن وجود الأحزاب السياسية، ومن ضمنها أحزاب المعارضة الوطنية أمر حيوي وضروري للدولة العصرية).
ثانياً: الأحزاب متطلب ضروري للحكومة البرلمانية:
يقول جلالة الملك في مقال له بعنوان «التعددية والوحدة الوطنية «العمود الفقري لأمن الأردن» في مجلة وورلد بوليسي جورنال بتاريخ 21 أيلول/2013: (وقد برزت ثقافة الأحزاب السياسية كقضية محورية وكان هدفنا وما زال حكومة برلمانية فاعلة تحت مظلة الملكية الدستورية، لكن للحكومة البرلمانية متطلبات عملية عدة، وهي الأحزاب ذات الامتدادات الوطنية القادرة على وضع البرامج).
ويضيف جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2013: (أن الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاثة متطلبات اساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والإداء الفاعل، وأول هذه المتطلبات الحاجة إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة).
ثالثاً: أن تكون الأحزاب السياسية قادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمع.
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية «تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين» بتاريخ 16 كانون الثاني/يناير 2013 (حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة عن التعبير عن مصالح وألويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق).
رابعاً: تقدم العمل الحزبي يؤدي إلى تطوير آلية التشاور في تشكيل الحكومات.
يقول جلالة الملك في خطاب العرش في الدورة غير العادية لمجلس الأمة السابع عشر بتاريخ 10 شباط/ 2013 (وأوكد هنا، أن تطور آلية التشاور يعتمد على تقدم العمل الحزبي والبرلماني، الذي يؤدي إلى ظهور ائتلاف برلماني على أسس حزبية، يتمتع بالأغلبية وتنبثق عنه الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يمارس الدور الرقابي، كحكومة ظل).
خامساً: للأحزاب دور رئيسي في تحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشترك.
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/ 2013: (أن مفهوم الديمقراطية لا ينحصر في تعبير الأفراد عن آرائهم ووجهات نظرهم، بل أنه يشمل العمل لتحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة باقتراحات واقعية وعملية تسهم في تقدم الوطن، وهذا هو الدور الرئيسي للأحزاب السياسية).
سادساً: الأحزاب السياسية ضرورة لتحقيق التنمية السياسية
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السادس عشر بتاريخ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر/ 2010: (والتنمية السياسية لا تتحقق من دون مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب الوطنية، التي تعتمد العمل البرامجي، وتبني المصداقية والحضور الشعبي، عبر إقناع المواطنين بجدوي طروحاتها، وقدرتها على الإسهام في مسيرة الوطن).
ويقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/ مارس 2013: (على الأحزاب المساهمة في تطوير وتجذير رؤية وطنية لحياتنا السياسية).
سابعاً: تحقيق العمل الجماعي
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة » أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة » بتاريخ 2 آذار/ مارس 2013 :(على الأحزاب الالتزام بالعمل الجماعي والتقييد بالمبادئ المشتركة، وتبني السياسات ذات الأولوية، وأشجع جميع الأحزاب، والمجموعات النيابية والأفراد المستقلين، في مجلس النواب الحالي العمل سوية، ومحاولة التجمع على أساس مبادئهم المشتركة والسياسات التي تتصدر أولوياتهم.)
ويقول جلالة الملك في الرسالة الملكية الموجهة لدولة السيد طاهر المصري رئيس مجلس الأعيان رئيس لجنة الحوار الوطني بتاريخ 14 آذار 2011 وقد سبق أن شكلت لجنة الحوار الوطني من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 12/3/2011 (كما نأمل، أن ينال قانون الأحزاب عميق اجتهادكم للوصول الى تشريع يثري التعددية السياسية والحزبية القائمة، ويكرسها نهجاً راسخاً يمكن القوى السياسية الفاعلة كافة من المشاركة في العملية الديمقراطية وصناعة القرار عبر أحزاب ذات برامج تعبر عن طموحات المواطنين وتستجيب لمتطلباتهم خاصة فئة الشباب منهم).
وقد قدمت لجنة الحوار الوطني مشروع قانون للأحزاب السياسية وقد تضمن تقرير لجنة الحوار الوطني وتوصياتها: (بأن اللجنة ترى بأن الأحزاب تشكل عنصراً مهماً في تطوير الحياة النيابية, فالأحزاب الوطنية الملتزمة بثوابت الدولة الأردنية ومبادئها وقيمها تشكل محوراً مهماً في تأطير النقاش الوطني حول مجمل التحديات التي تواجه الوطن وفي الوقت ذاته يجب أن تكون قادرة على وضع البرامج العملية لمعالجة هذه التحديات معتمدة في ذلك على المعلومات الدقيقة والتحليل العلمي للوصول الى برامج سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية تطرحها على الناخبين).
ثامناً: الأحزاب السياسية بديلاً عن الصالونات السياسية
قال جلالة الملك في مقابلة صحفية مع صحيفة الرأي بتاريخ 24 تموز 2022: (اختلاف الآراء أمر صحي وحق للجميع لكن لا يكفي أن نستغرق في نقد الوضع الحالي بل يتعين علينا العمل لتغييره لمواصلة تحقيق أهداف التحديث، فنحن في مرحلة انتقالية طال أمدها ولا يمكن أن نظل فيها للأبد.
أتمنى على بعض نخبنا أن تهجر ثقافة الصالونات السياسية وتنخرط في الحياة الحزبية فالتغيير للأفضل لن يكون إلا بأدوات الديمقراطية المعروفة والمشاركة لن تتحقق في المرحلة المقبلة إلا بالعمل الحزبي المنظم.
الدعوة للمشاركة في الأحزاب السياسية
يؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني على المشاركة الشعبية في الأحزاب السياسية والانضمام إليها، ويقول جلالته في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد علي أبو الراغب بتاريخ 19/6/2000: (وندعو جميع المواطنين للمشاركة والمساهمة في عملية التنمية الوطنية السياسية).
وأضاف جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1/12/2003: (إن واجب القطاعات الشعبية، ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومنابر الحوار والفكر، أن تستجيب إلى دعوتنا هذه بإخلاص لتعمل على إحداث تحول إيجابي وجذري في مسيرتنا الديمقراطية، عبر إطلاق حركة حزبية وطنية حقيقية، هاجسها »
الأردن أولاً» وتستمد شرعية وجودها، من التزامها بقضايا الوطن).
ويقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة: «أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة» بتاريخ 2 آذار/ مارس 2013. :(إنني آمل حقيقة بأن تتقدم عملية تشكل الأحزاب وتتطور بأسرع وتيرة ممكنة خلال السنوات القادمة، وعليه فأنني أشجع جميع أبناء وبنات الوطن على المشاركة في بناء نمط جديد من الأحزاب البرامجية الممثلة، والقائمة على قواعد شعبية واسعة من أجل مستقبل أفضل لنا جميعاً).
وقد دعا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، خلال لقائه رؤساء الجامات الرسمية في قصر الحسينية يوم الثلاثاء الموافق 26 تموز 2022 الشباب الجامعي إلى أن يكونوا جزءاً أساسياً في عملية التحديث السياسي، والانخراط في العمل الحزبي البرامجي، وأشار جلالته في اللقاء الذي حضره سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد إلى ضرورة إنجاز نظام تنظيم الأنشطة الحزبية بالجامعات، والعمل بشكل مؤسسي لمنع وضع أية حواجز أمام الشباب في المشاركة بالحياة السياسية.
مما تقدم يتبين لنا بأن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله يولي الأحزاب السياسية اهتماماُ كبيراً منذ توليه سلطاته الدستورية عام 1999، ففي كتب التكليف السامي لرؤساء الوزارات وخطب العرش السامية في افتتاح الدورات العادية وغير العادية لمجلس الأمة، وكذلك الأوراق النقاشية لجلالة الملك ومقالات جلالته وفي الرسائل الملكية يؤكد على تطوير الأحزاب السياسية البرامجية ويبين جلالته الرؤية الملكية لأهمية هذه الأحزاب وشروطها وأهدافها، وقد استجاب المشرع للإرادة السياسية لجلالة الملك بإصدار أربعة قوانين للأحزاب السياسية في عهد جلالته الميمون في الأعوام 2007، 2012،2015، 2022. ويمكن القول بأن قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 والذي جاء تنفيذاً للإرادة السياسية لجلالة الملك يحقق قفزة كبيرة للعمل الحزبي في المملكة.
هذه الدراسة جزء من كتاب قيد الإعداد بعنوان «قراءة في فكر جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين».
(مركز الرأي للدراسات)