قبل حرب غزة البشعة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، تبنى الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حملة دولية دبلوماسية دؤوبة وضاغطة لتشخيص القضية الفلسطينية من على المنابر الدولية، ووضْع الدول صانعة القرار العالمي بحقيقة المشكلة وأصلها والحل الأمثل لتلافي تطور التوتر في الأراضي المحتلة، لكن بعد هذه الحرب الشرسة ترك الاردن أثرا قويا بمواقفه الوطنية الثابتة والنبيلة.
فعلى مدى أكثر من شهرين وحرب الإبادة والتجويع والتهجير والتدمير ومذبحة حقوق الإنسان مستمرة ليل نهار في قطاع غزة من شماله الى جنوبه كان الاردن خلالها بمختلف مكوناته الرسمية والشعبية والحزبية كعهده دائما في الاصطفاف الى جانب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وكان للأحزاب الاردنية دور وطني في إسناد الموقف الرسمي ودعمه من خلال إدارة الحراك الشعبي المنسجم مع مصالح الدولة من خلال رفض الحرب الشرسة التي شنتها اسرائيل على غزة وفضح وتعرية أسبابها، وكانت مطالبات الاحزاب معبرة عن تطلعات الاردنيين الذين وقفوا وقفة رجل واحد حول قيادتهم الهاشمية في الرفض القاطع لما تروج له اسرائيل من تهجير لفلسطينيي غزة من وطنهم.
من أجل ذلك تعرض الاردن وما يزال بسبب مواقفه الوطنية السامية لهجمة من الإعلام الاسرائيلي كانت الأحزاب كما الإعلام الاردني لها بالمرصاد لتفنيدها وكشف زيفها ، كما يؤكد أمناء عامي أحزاب لوكالة الأنباء الأردنية (بترا).
أمين عام حزب الميثاق الدكتور محمد المومني أكد أنَّ موقف القوى السياسية الاردنية كافة بما في ذلك الأحزاب الرسمية كان منسجما مع الموقفين الرسمي والشعبي من أجل الدفع بمصالح الأردن العليا، مشيرا الى الموقف المتشدد بضرورة وقف العدوان الاسرائيلي ورفض تهجير الغزيين واقتلاعهم من ارضهم، ورفع الصوت عاليا لفتح معبر رفح لإدخال المساعدات الغذائية والدوائية المتكدسة على بواباته.
إن مهاجمة المسؤولين الاسرائيليين والاعلام الاسرائيلي للأردن بسبب مواقفه الوطنية المستمدة من مبادئه العليا دلالة على أن الموقف الرسمي هو الأقوى والأقدر على تعرية السردية الإسرائيلية على المستوى الدولي، يقول المومني الذي أشار الى أن المصالح الاستراتيجية العليا للدولة الأردنية معنية بإحلال السلام القائم على العدل من خلال حل الدولتين.
ذلك ما أكدته أيضا الأمينة العامة لحزب الشَّعب الديمقراطي الأردني “حشد” عبلة أبو علبة التي قالت، “منذ بداية العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة قبل اكثر من شهرين، واستمرار السياسات العنصرية في الضفة الغربية والقدس، اعلن الأردن الرسمي موقفاً صريحاً وواضحاً ضد التهجير وضد العدوان العسكري الذي تزداد وحشيته يوماً وراء يوم”، مشيرة الى أن الاردن بذل وما يزال يبذل جهودا سياسية ودبلوماسية دؤوبة لإحقاق الحق التاريخي والوطني للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
لقد كان النهج والموقف الاردني الجمعي، كما يؤكد أمين عام حزب النَّهج الجديد فوزان البقور، مدعوما بوحدة الجبهة الداخلية خلف القيادة الهاشمية في الرفض القاطع لمخطط التهجير الصهيوني لأهلنا بقطاع غزة، لافتا الى الموقف الاردني الثابت والمشرف بقيادة جلالة الملك منذ اليوم الأول لهذه الحرب، حيث حمل جلالته رسائل هامة في قمة السلام بمصر والسعودية وأيضا خلال استقبال جلالته رؤساء وزعماء ومسؤولي دول صانعة القرار العالمي.
وأكد البقور أن هذا التناغم الكبير والواضح بالموقفين الرسمي والحزبي والشعبي بث رسائل واضحة بقوة ووحدة الجبهة الداخلية الاردنية والتي تشكل هاجسا حقيقيا لإسرائيل، لافتا الى أن ردود الفعل الشرسة من الإعلام الإسرائيلي دلالة على أهمية ومحورية دور الاردن في دفع إسرائيل الى تغيير وتبديل مخططاتها.
الأمين العام لحزب القدوة إياد النَّجار أشار الى التوتر بين الاردن وإسرائيل قبل حرب غزة بسبب الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى باعتبار ذلك خرقا واضحا لاتفاقية السلام.
لكن بعد شن اسرائيل لعدوانها الشرس على غزة وتدمير البيوت وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، اتسمت العلاقة بين الاردن وإسرائيل بـ “مكاسرة سياسية” اشعلها رفض اسرائيل لوقف العدوان على غزة وارتكاب جرائم إبادة وتحويل غزَّة لمكان لا يصلح للحياة.
وأكد النجار أنَّ قوة الأردن ومنعته سياسيا واقتصاديا وأمنيا قوة للأشقاء الفلسطينيين، مشيرا الى رفض الاردن لتهجير سكان القطاع ورفض أي محاولة للفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة اكد كغيره من أمناء الأحزاب أن الفعل الشعبي الاردني كان وسيظل ظهيرا للدولة الأردنية في مواجهة الضغوط الخارجية خاصة فيما يتعلق بدوره ومواقفه تجاه القضية الفلسطينية، مشددا على أن الأحزاب جزء من الطيف السياسي للدول وأداة شعبية لتعزيز وإسناد الموقف الرسمي في مختلف القضايا وهي كذلك في رفض العدوان والحرب على الأهل في قطاع غزة، وقادرة على تعزيز دور الدولة الأردنية المساند للشعب الفلسطيني خاصة في هذا الظرف العصيب.
وأشار العضايلة الى توزيع حكومة اسرائيل اليمينية المتطرفة 350 ألف قطعة سلاح على المستوطنين في الضفة الغربية ومهاجمة القرى والمدن والمخيمات ما أسفر عن 3700 أسير جديد وأكثر من 3 آلاف جريح، إضافة إلى 275 شهيد في محاولات لتأجيج الأوضاع في الضفة الغربية، واستمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة للأردن، مؤكدا أهمية تعزيز الموقف الأردني والجبهة الأردنية الداخلية لمواجهة أي مخاطر محتملة.
وبين أن الجميع يدرك اليوم أن هناك مخاطر جدية من موضوع التهجير وأن ما يجري في قطاع غزة من محاولة دفع أكثر من مليون فلسطيني إلى منطقة رفح الواقعة على الحدود الفلسطينية- المصرية هي إشارة واضحة في ظل عجز الكيان عن مواجهة المقاومة، فيقصف المدنيين نساء وأطفال ويستهدف في قصفه المستشفيات بما فيها المستشفى الميداني الأردني في محاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني ودفعه إلى الهجرة.
وأوضح العضايلة أن ما يجري في غزة الجريحة وفي الضفة الغربية يؤكد الموقف الاردني الصلب وبكل أطيافه ومساعيه للضغط من أجل وقف الحرب وإقرار حل عادل ومنصف للشعب الفلسطيني.
(بترا(